في واحدة من أكثر المحطات حساسية في تاريخ الكرة الجزائرية، وجد الشارع الرياضي نفسه أمام سؤال واحد فقط: لماذا رحل جمال بلماضي؟
الرجل الذي صنع أمجاد 2019، وأعاد للجزائر هيبتها القارية، وانفجرت معه مواهب، واهتزت معه الملاعب العربية والإفريقية. فهل يعقل أن تكون النهاية بهذا الشكل المفاجئ؟!
ما حدث في الكواليس أخطر بكثير مما ظهر في العناوين. هناك توتر، ضغوط، صدامات خفية، جبهات مفتوحة، وانهيار علاقة كانت تبدو مقدسة بين بلماضي وبين البيئة المحيطة بالمنتخب. واليوم سنكشف ما لم يُقل رسمياً… وما حاول الكثير إخفاءه.
1. الشرارة الأولى: عندما تحوّل الدعم إلى شكّ!
بداية المواسم التي تلت التتويج بالكان كانت نقطة التحول الكبرى. المدير الفني الذي كان يُعامل كبطل قومي، وجد نفسه فجأة تحت سهام التشكيك بعد التصفيات المخيبة، والإقصاء من كأس العالم، ثم الخروج المرير من كأس إفريقيا.
داخل الكواليس، شعر بلماضي بأن هناك أفراداً داخل محيط المنتخب لم يعودوا يؤمنون بمشروعه. بعضهم كان يرى أن “العصر الذهبي انتهى”، وآخرون أرادوا تغييراً جذرياً. هذا الجو المشحون أشعل أول شرارة.
2. “الحرب الباردة” مع الصحافة… كيف بدأت؟
علاقة بلماضي بالإعلام كانت أصعب ملف في مشواره. لم يعد يطيق الأسئلة الهجومية، ولا محاولات بعض الصحفيين “اصطياد الأخطاء”.
كان يرى أن كثيراً من المنابر لم تكن تنقد… بل “تتربّص”.
وكان يردد في محيطه:
“الصحافة لا تساعد المنتخب… إنها تضغط على اللاعبين أكثر مما تفيدهم.”
تراكمت الحوادث:
-
تسريبات من داخل المعسكر
-
حملات تشكيك في اختياراته
-
انتقادات حادة وصلت لعائلته
-
اتهامات بـ"المحسوبية" و"العناد"
بلماضي شعر أن “الاحترام مات”، وأن هناك أطرافاً تريد سقوطه بأي طريقة. وهنا بدأ كره حقيقي للإعلام، وليس مجرد حساسية مهنية.
3. اللاعبون… بين الوفاء والملل
حتى داخل غرفة الملابس، لم يعد كل شيء مثالياً.
ظهرت فجوة بين “القدامى” و“الجدد”، وانقسم بعض اللاعبين حول طريقة العمل الصارمة التي يتبعها بلماضي.
البعض شعر أنه أصبح “غير قابل للنقاش”، وأن المنتخب يحتاج لنسمة تجديد.
هذه الصدامات جعلته يقتنع أن البيئة لم تعد مناسبة لنجاح جديد.
4. الضغط الجماهيري… السيف الحاد الذي لا يرحم
جمهور الجزائر يعشق المنتخب إلى درجة الجنون. لكن هذا العشق يتحوّل بسرعة إلى غضب.
بعد الإخفاقات، بدأت الأصوات تعلو:
“التغيير ضروري”
“المنتخب ذاهب للهاوية”
“بلماضي انتهى”
كان بلماضي يسمع كل شيء. وكان يرى أن الجماهير لم تعد تؤمن به كما في السابق. ومع الوقت… انطفأت الشرارة النفسية التي كان يقاتل بها.
5. لحظة الحسم: القرار الذي اتخذه قبل الإعلان بكثير
الحقيقة أن بلماضي قرر الرحيل منذ وقت طويل، لكنه انتظر اللحظة المناسبة لإعلان ذلك.
شعر أن الاستمرار سيضر المنتخب أكثر مما ينفعه، وأن سمعته وتاريخه تُستهلك يومياً.
وكان يقول للمقربين منه:
“المنتخب يحتاج شخصاً آخر… وأنا بحاجة لهدوء بعيد عن الصخب.”
الخلاصة: بلماضي لم يرحل لأنه فشل… بل لأنه شعر بالخيانة
نعم، الكلمة قاسية لكنها الأقرب للحقيقة.
الرجل الذي أعاد للجزائر أمجادها، وجد نفسه محاصراً:
-
صحافة شرسة
-
ضغط شعبي لا يتوقف
-
لاعبون منقسمون
-
اتحاد يريد تغييراً عميقاً
فقرر المغادرة قبل أن تتصدّع صورته أكثر.
سواء أحببناه أو انتقدناه، فإن جمال بلماضي سيبقى أحد أقوى الشخصيات في تاريخ الكرة الجزائرية… والحديث عن “سبب رحيله” سيظل يثير الجدل لسنوات طويلة.
